الوقت حجة لك أو عليك
تاريخ النشر: 17 شهر ربيع الثاني 1446هـ الموافق 21 أكتوبر 2024م
عدد الزيارات : 206
إنشر المقال :
للوقت أهمية كبيرة في حياة الفرد والجماعة على حد سواء، وقد عرفه الفيروز آبادي بأنه: المقدار من الدهر، وهو بهذا يشير إلى أن الوقت هو ذلك الكم المتقطع من الزمن، سواء كان هذا الكم قصيرًا أم طويلًا.
ونظرًا للأهمية البالغة التي يمثلها هذا العنصر من عناصر وجودنا، فقد أولته نصوص الكتاب العزيز والسنة المطهرة عناية خاصة؛ من حيث إبراز مكانته والتنبيه إلى قيمته، ومن ذلك قوله تعالى: (والعصر إن الإنسان لفي خسر)، وقوله -جل وعلا-: (وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكرون فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير)، فهؤلاء ظلموا أنفسهم عندما فرطوا وأهملوا في هذه النعمة التي أنعم الله بها عليهم، وهي أن أمهلهم وقتًا طويلاً يكفيهم ليصلحوا من شؤونهم بفعل الطاعات والقربات، ولكنهم حولوا هذه النعمة إلى نقمة بهذا التفريط، وصيروها وبالاً عليهم بذلك الإهمال.
من جهتها تتابعت التنبيهات النبوية مؤكدة على ما للوقت من أهمية، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه...". الحديث. رواه الترمذي وصححه، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ". قال الطيبي -رحمه الله-: "ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- للمكلف مثلاً بالتاجر الذي له رأس مال، فهو يبتغي الربح مع سلامة رأس المال، فطريقه في ذلك أن يتحرى فيمن يعامله ويلزم الصدق والحذق لئلا يغبن، فالصحة والفراغ رأس المال، وينبغي له أن يعامل الله بالإيمان، ومجاهدة النفس، ليربح خيري الدنيا والآخرة".
ويقول ابن الجوزي -رحمه الله-: "من استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعمل في معصية الله فهو المغبون". وثمة بون شاسع وفرق كبير -إخوتي- بين الرابح الذي تكبره أنفس وأعين من حوله، والخاسر الذي ينفضّ الناس عنه ولا يأبهون به.