النجاة الحقيقية.. حقيقة تدبر القرآن
تاريخ النشر: 30 جمادى الأولى 1446هـ الموافق 2 ديسمبر 2024م
عدد الزيارات : 102
إنشر المقال :
النجاة الحقيقية إنما تكون بالالتزام بشرع الله، وتدبر آيات القـــرآن الذي يعتبر هـــادي البشرية ومرشدها ونور الحياة ودستورها، ما من شيء يحتاجه البشر إلا وبيَّنه الله فيه نصاً أو إشارة أو إيماءً، علمه من علمه، وجهله من جهله.
ولذا اعتنى بــــه صحب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتابعوهم تلاوة وحفظاً وفهماً وتدبراً وعملاً. وعلى ذلك سار سائر السلف.
ومع ضعف الأمة في عصورها المتأخرة تراجع الاهتمام بالقرآن وانحـســر، حتى اقتصر الأمر عند غالب المسلمين على حفظه وتجويده وتلاوته فقط بلا تدبر ولا فهم لـمـعانيه ومراداته، وترتب على ذلك ترك العمل به أو التقصير في ذلك، وقد أنزل الله الـقــرآن وأمــرنــا بـتـدبــــره، وتكفل لنا بحفظه، فانشغلنا بحفظه وتركنا تدبره!
ولـيـس الـمقـصـود الدعوة لترك حفظه وتلاوته وتجويده؛ ففي ذلك أجر كبير؛ لكن المراد التوازن بين الحـفــظ والتلاوة والتجويد من جهة وبين الفهم والتدبر. ومن ثم العمل به من جهة أخرى كما كان عليـه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى .
أما التدبر فهو كما قال ابن القيم: "تحديق ناظر القلب إلى معانيه، وجمع الفكر على تدبره وتعقله".
وقـيـل في معناه: "هو التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة"، قال الله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب). في هذه الآيـة بين الله تعالى أن الغرض الأساس من إنزال القرآن هو التدبر والتذكر لا مجرد التلاوة على عظم أجرها.
ولذلك قال الحسن البصري: "والله! ما تـدبُّـره بحفـــظ حـروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله، ما يُرى له القرآنُ في خُلُق ولا عمل"! قال تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به).
روى ابن كـثـيـر عـن ابن مسعود قال: "والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله". وقال الشوكاني: "يتلونه: يعملون بما فيه". ولا يكون العمل به إلا بعد العلم والتدبر.