حصاد الحوادث
تاريخ النشر: 20 جمادى الأولى 1437هـ الموافق 29 فبراير 2016م
عدد الزيارات : 4457
إنشر المقال :
أجد نفسي منجذبًا بشدة -قارئي الكريم- إلى الإدلاء بدلوي في هذا الموضوع المهم بل الخطير، موضوع حوادث السير، لا سيما وقد دشنت الإدارة العامة للمرور بالتعاون مع مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات الإنسانية راف الحملة الوطنية للتوعية المرورية “تحمل بعمرك” منذ حوالي أسبوعين، لتوعية فئات المجتمع للحفاظ على قواعد وإجراء السلامة المرورية.
ولا يخفى على أحد أن كثيرين من الكتاب والموجهين والناصحين والخبراء قد قتلوا هذا الموضوع بحثًا من جوانبه المختلفة، إلا أن ما يدعوني ويدعو كل مخلص حريص على أمته إلى الكتابة عنه والتحذير من مخاطرة وأضراره هو ما نشاهده ونسمع به ليل نهار حول استفحال مخاطر هذه الظاهرة وتناميها إلى حد مذهل ومخيف اضطرت معه بعض الدول إلى إدخال تعديلات جوهرية على سياستها الاقتصادية والأمنية، الأمر الذي أثر سلبًا على عجلة النمو الاقتصادي والأمني في تلك الدول، هذا من جهة، ومن جهة أخرى -وهي الأهم قطعًا- أن آثار هذه الظهارة المدمرة تمتد لتطال أغلى وأعز الكائنات على وجه الأرض قاطبة ألا وهي النفس البشرية، سواء كان ذلك بإزهاقها وقتلها أم إتلاف جزء منها وإعاقتها، تلك النفس التي كرمها الله تعالى وفضّلها على كثير ممن خلق، كما جاء في قوله -عز وجل-: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً)، وأشار تعالى إلى عظمة خلقها عندما أقسم بها، قال تعالى: (ونفس وما سواها)، وجعل الاعتداء على نفس واحدة بالقتل كالاعتداء بقتل الناس جميعًا، كما في قوله -عز وجل-: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا...)، وأعد سبحانه نارًا تلظى لمن قتل مؤمنًا متعمدًا وغضب عليه وطرده من رحمته، كما في قوله سبحانه: (ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا).
فهل يليق بأحد أمام هذه النصوص القطعية الداعية صراحة وضمنًا إلى ضرورة صيانة هذه النفس والنأي بها عن تعريضها لما يضرها ويؤذيها أن يقابل ذلك باستهانة أو استخفاف ولا مبالاة ينجم عنه ما نعلمه جميعًا من حصاد مر مرارة العلقم أو أشد، جراء حوادث السير الشنيعة والبشعة؟!
إننا -إخوتي القراء- في حاجة ماسة إلى وقفة جادة لوقف هذا النزيف الذي لا ينقطع؛ حيث لا يكلفنا الأمر سوى استشعار المسؤولية من جهة، وتطبيق الأنظمة المرورية من جهة أخرى.