الجليس الصالح.. معايير اختيار الأصدقاء
تاريخ النشر: 6 شهر ربيع الأول 1446هـ الموافق 10 سبتمبر 2024م
عدد الزيارات : 230
إنشر المقال :
نظرًا لخطورة الصديق وتأثيره البالغ على الإنسان، فإنه لا بد أن تكون هناك ضوابط وقواعد لاختياره، وإلا أصيب الإنسان بالضرر والعنت، ولذا حذر القرآن الكريم من صديق السوء في غير موضع منه، في إشارة إلى ضرورة اختيار الصديق وفق مواصفات معينة؛ يقول -سبحانه-: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا) فتأمل -حفظك الله- كيف كان هذا الصديق والخليل سببًا لدخول هذا البائس عذاب الله، وبعده عن رحمته.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- يؤكد هذا المعنى، كما في حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن صلى الله عليه وسلم حيث قال-: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك -أي يعطيك- وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة".
وثًمة صفات لا بد من توافرها في الصديق الذي تبحث عنه وتختاره لتكون صداقتك قائمة على أساس متين قوي، ولتجني من خلالها ما ترجوه وتأمله، ولتحقيق ذلك لابد أن تضع أمامك دائمًا معيار الدين والتقوى والصلاح في اختيار الصديق؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أرشد إلى ذلك بقوله: "لا تصاحب إلا مؤمنًا"، والله -جل وعلا- يقول: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ).
يقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم، فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك ما يبغضك منه، واعتزل عدوك واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى الله، ولا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره، ولا تطلعه على سرك، واستشر في أمرك الذين يخشون الله تعالى".
والصديق العاقل اللبيب أمر أساسي في اختيار الأصدقاء؛ فإنه ينفعك بعقله ولا يضرك بتصرفاته، ويفيدك عند المشورة وأخذ الرأي، واحذر كل الحذر من مصاحبة الأحمق المغفل فتجلب لنفسك كثيرًا من الأضرار والمصاعب، وكيف تصاحب من لا يفرق بين النافع والضار؟
وليكن في صديقك الذي تختاره مع ما سبق حسن خلق ينفعك في وقت عسرك ويواسيك بماله ورأيه ومشورته، ويقف معك في الملمات، ويعفو عن الزلات، ويملك نفسه عند الغضب.