تعهَّد نفسك.. لحظة محاسبة
تاريخ النشر: 7 صفر 1446هـ الموافق 13 أغسطس 2024م
عدد الزيارات : 200
إنشر المقال :
ألا تستحق نفسك أن تتعهد شؤونها بين الحين والحين لترى ما اعتراها من اضطراب فتزيله، وما لحقها من إثم فتنفيه عنها، مثلما تنفى القمامة عن الساحات الطاهرة؟! ألا تستحق النفس بعد كل مرحلة تقطعها من الحياة أن نعيد النظر فيما أصابها من غنم أو غرم؟ وأن نرجع إليها توازنها واعتدالها كلما رجتها الأزمات وهزها العراك الدائب على ظهر الأرض في تلك الدنيا المائجة؟
إن الإنسان أحوج الخلائق إلى التنقيب في أرجاء نفسه وتعهد حياته على الخاصة والعامة بما يصونها من العلل والتفكك، ومن ثم نرى ضرورة العمل الدائم لتنظيم النفس وإحكام الرقابة عليها، والله عز وجل يهيب بالبشر -قبيل كل صباح- أن يجددوا حياتهم مع كل نهار مقبل.
فبعد أن يستريح الأنام من عناء الأمس الذاهب، وعندما يتحركون في فرشهم ليواجهوا مع تحرك الفلك يومهم الجديد؛ في هذه الآونة الفاصلة تستطيع أن تسأل: كيف حالي مع الله؟
في هذه اللحظة يستطيع كل امرئ أن يجدد حياته وأن يعيد بناء نفسه من جديد على أشعة من الأمل والتوفيق واليقظة. إنها لحظة إدبار الليل وإقبال النهار، وعلى أطلال الماضي القريب أو البعيد يمكنك أن تنهض لتبني مستقبلك.
ولا يحزنك كثرة الخطايا، فلو كانت ركامًا أسود كزبد البحر ما بالى الله عز وجل بالتعفية عليها إن أنت اتجهت إليه قصدًا وانطلقت إليه ركضًا .
إن فرحته بعودتك إليه فوق كل وصف، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل في أرض دوية مهلكة، ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته!! فطلبها حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت... فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ، فإذا راحلته عنده عليها زاده وشرابه، فالله أشد فرحًا بتوبة المؤمن من هذا براحلته".
ألا يبهرك هذا الترحاب الغامر؟! أترى سرورًا يعدل هذه البهجة الخالصة؟!